إیران تقود المنطقة نحو التحرر من الغطرسة الأحادية لأمريكا
ان يوم القدس هو يوم عظيم ولو كان الغرب والصهيونية العالمية بالاضافة للرجعية العربية يدركون عظمة يوم القدس وما سيتحول إليه من يوم مفصلي بوجود الأمة والقضية الفلسطينية لقامت الدنيا ولم تقعد، والغرب يعترف مراراً وتكراراً بأنه أخطأ بالحساب وبفهم استراتيجية الجمهورية الإسلامية في ايران، وكان يتوقع أن يكون يوم القدس الذي دعا إليه الامام الخميني العظيم يوماً عادياً ربما ينحصر فقط في ايران، فإذا بالعالم يفاجئ بنور هذه الكلمات التي قالها الامام الخميني لتتحول كنور الشمس تضيء العالم كله فأصبح في قلب كل دولة ومدينة وحر بالعالم يوم عظيم اسمه يوم القدس.
ومن الطبيعي جداً بظل التأزم السياسي في الشرق الأوسط، وغطرسة الاستكبار العالمي وتمادي الكيان الغاصب الإسرائيلي باجرامه، ان ينتج بالمقابل حركات مقاومة ترفض الذل والخنوع والاستعمار الفكري والاحتلال العنصري المادي والمعنوي. ومع تقدم وتطور الجمهورية الإسلامية في إيران التي تعتبر قوة قلب المقاومة على كافة الصعد، وما قدمته لحركات المقاومة من دعم لوجستي (مال وأسلحة وعتاد)، تطورت حركات المقاومة واشتد عودها وتعاظم دورها وتأثيرها بالمعادلة، كما نجحت بخلق موازين جديد تقارب نمط الحروب الكبرى، مما خلق حالة هلع عند الكيان الصهيوني دفع بأمريكا للتحرك مباشرة باتجاه إيران ان كان بالعقوبات أو الحصار بالإضافة إلى التلويح بالحرب، كي تتراجع عن دعمها للمقاومة، أو تغير بمواقفها.
فالاهداف أصبحت واضحة والبوصلة تحرير فلسطين وهزيمة الكيان الغاصب، وما نسمعه من تصريحات لبعض النظم الرجعية العربية عن التقارب مع الجمهورية هو بسبب فشلهم باستهداف إيران وأيضاً بسبب عودة الروح الرافضة لكافة اشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
للحقيقة قد نحتاج إلى مجلدات لوصف الجوانب الإيجابية ليوم القدس العالمي على كافة الصعد ومقدار تأثيره في اللاوعي عند الشعوب العربية التي كادت أن تألف الهزيمة. الجمهورية الإسلامية في إيران قدمت انموذجاً استراتيجياً حقاً كان طويل الأمد لكن بدأ يعطي ثماره، اسباب الدول لمحاولة إرضاء الجمهورية الإسلامية انما بسبب توصلهم لنتيجة واحدة بأنه لا يمكن تجاوز إيران باي معادلة بالمنطقة إقليمياً وأيضاً بالمستقبل دولياً.
للاسف بعض العالم العربي والاسلامي ما زال بعيداً عن فهم تداعيات العولمة، وخاصة ما كشفته وجائحة كورونا بظل سيطرة مطلقة للنظام الرأسمالي المتوحش، الذي يحاصر العالم برمته، إنما النقطة الأضعف هي بالشرق الأوسط، بسبب غياب التنمية والتطوير التكنولوجي ومتغيرات العصرنة في القرن الحادي والعشرين، ولكن هناك محاولات تقوم بها نخبة من أجل صناعة الرأي العام وتطويره، لكنها بطيئة وخجولة، وأظن أنه بالامكانيات المتاحة، وما تفرضه الأزمة الصحية اقتصادياً واجتماعياً، فإن الحل الوحيد هو من خلال الإعلام المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ان كان بشرح خطورة الكيان الصهيوني والدعم الأمريكي له، بأسلوب جديد يعتمد على الإخراج الفني المميز والقصير بعيداً عن المطولات ان كان بالكتابة او الفيديو، مع خلق انموذج فني محدد الألوان تقوم بوضعه نخبة من علماء النفس، على تكون هذه المواد تتماشى مع الجيل الجديد بعيداً عن الروتين التقليدي والعمل الكلاسيكي، ومع هذا التحرك المكثف عبر وسائل التواصل الاجتماعي يكون بالمقابل هناك مؤتمرات تعقد عبر الاونلاين، تحاكي حركة النهضة التي سبقتنا في العديد من الدول الغربية، حيث تقدم المواد بأسلوب شيق، وبمضمون ثوري عصري، يشرك جيل الشباب ويعطيهم الاولية ليكونوا فاعلين وتوزيعهم إلى مجموعات إبداعية ان كان بالشعر والموسيقى وحتى الرسم، لتجسيد القضية التي هي المحرك الأساسي لعودة دورهم الريادي ببناء الغد الخالي من الاحتلال الصهيوني، وسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد قدم السيد القائد الأمام الخامنئي دام ظله الشريف بخطبه للشباب المسلم الكثير من الحلول التي تحافظ على التقاليد والقيم الاسلامية مع الاستفادة من الثورة التكنولوجية وتبادل المعلومات، وقد أثرت خطب السيد القائد في المجتمع الإيراني حيث سجل أعظم تطور بكافة المجالات تقريباً، مع الحفاظ على ديمقراطية نزيه وحرة حقيقية تضاهي الحريات بالعالم الذي شاهد كيف تطبق الديمقراطية في الحمهورية الإسلامية ان كان بالانتخابات الرئاسية او البرلمانية بالإضافة إلى نشاط نقابي وسياسي واسع النطاق.
ويكفي في بداية المشوار ان ننشر خطب السيد القائد الامام الخامنئي حفظه الله، ونعممها على الشباب العربي، وأن نشجعهم على ممارسة دورهم السياسي الاجتماعي، واختيار ممثليهم بالعالم العربي، تمهيداً لخلق ثورة كبرى مناهضة للاستكبار العالمي ومن معه من ادوات عميلة في النظم العربية، حينها يبدأ التفاعل الطبيعي الذي يوصل إلى حركة تحرر تنطلق من رفض الحرمان والتبذير التي تعيشه هذه الدول من هدر لثروات الشعوب دون أن يكون هناك أي تطور صناعي او علمي وطبي، ومن متابعتي لبعض ما ينشر اعتقد بأن الجيل العربي الناشء بدأ ينظر إلى الجمهورية الإسلامية بانبهار وهي تتقدم على كافة الصعد، بينما غالبية الدول العربية تعاني الاستنزاف دون أن تحقق شيئاً بسبب ان قيادات هذه الدول تنفذ الأجندة الأمريكية على حساب شعوبها العربية.
الأمر لا يحتاج إلى الكثير انما فقط الى حركة إنتاجية إعلامية فاعلة خاصة ان الإجرام الصهيوني والظلم الامريكي، ساهم بمكان ما بإيقاظ الشعوب، ولم يبق إلا المبادرة، وسنجد خلال عام او اكثر بأن الشعوب بدأت بتطوير اسلوبها ان كان بداخل بعض الدول التي تدور بالفلك الأمريكي الصهيوني، أو أن كان البدء لمواجهة الاستكبار بالموقف والكلمة، ورفض التطبيع، ومقاطعة المنتجات الامريكية والصهيونية، حينها ينتفض كل الشارع العربي الذي كما قلنا بدأ يستيقظ بسبب صمود الجمهورية الإسلامية في إيران.
بعد فشل الولايات المتحدة الأمريكية من تكريس التطبيع على أنه المدخل الوحيد للسلام والبحبوحة كما حاول اعلام دول التطبيع الإيحاء ان كان بالمؤتمر الاقتصادي الذي عقد بالبحرين او ما روجت له بعض الاقلام المأجورة في هذه الدول، شاهد العالم العربي كيف غالبية زعماء التطبيع ينبطحون عند إقدام الصهاينة دون تحقيق أي مكاسب لصالح هذه الدول العربية بل على العكس كل ما قدم قادة الرجعية العربية الكثير من التنازلات زاد البطش والظلم الصهيوني للشعب الفلسطيني وتمادى أكثر بجبروته، مما خلق حالة وعي حركت الراي العام الفلسطيني من تلقاء نفسه لينتفض بوجه الكيان الإسرائيلي المغتصب، وحتى ان تابعنا بدقة نجد أن هذه الهبة الفلسطينية وهي عفوية جاءت متزامنة مع يوم القدس العالمي، وكأنهم كانوا يمهدون لهذا اليوم العظيم، وأمام هذا التطور بالأسلوب والتوقيت يعني أن صفقة القرن سقطت ومؤامرة التطبيع قد دفنت، وبتصوري ان الذين سارعوا إلى التطبيع هم اليوم امام مشكلة وجودية وخاصة أن الصوت الفلسطيني فضحهم جميعاً، وتصريح ابو مازن أمام الإعلام الذي شتم فيه امريكا وهذه الدول العربية المطبعة هو دليل أن التطبيع فشل، وهناك نهضة وهبة جماهيرية فلسطينية ستحاسب حتى الفلسطينيين الذين يتواصلون مع الكيان الغاصب، كما أن الكيان الغاصب اكتشف ان كل هذه القيادات التي طبعت معه هي منبوذة شعبياً ولا تمثل الوجدان العربي، لذلك لا اعتقد بأن يكون للتطبيع أي تأثير سلبي على يوم القدس بل سنشاهد التظاهرات باعداد كبيرة وبأصوات مرتفعة وقبضات مرفوعة بوجه الأمريكيين والصهاينة ومن معهم بيوم القدس العالمي، واعتقد بأن التظاهرات هذا العام ستكون قوية وكثيفة حتى بالمغرب العربي.
4 ـ أكد بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن شعارهم في يوم القدس العالمي عام 2021، هو "شعوب ضد التطبيع"، ما هو رأيكم وتحليلكم حول هذا الشعار؟
بالتأكيد ان هذا الشعار هو في الصميم وهذا ما يؤكده السرد في الإجابة على أسئلة حضرتك، فالشعوب استيقظت بالمقابل سقطت أنظمة التطبيع والتبعية، وكل المؤشرات تؤكد السير بهذا الاتجاه، وخاصة أن جيل الشباب مل الانتظار والوعود الزائفة لغالبية النظم الرجعية العربية وان الأوان للتحرك والانتفاضة الكبرى، وخاصة أن الوقت مناسب قبل أن يثبت النظام العالمي قواعده في الشرق الاوسط وبعدها قد يكون من الصعب التغيير.
والجمهورية الإسلامية تقود المنطقة وتقريباً العالم نحو التحرر من الغطرسة الأحادية للولايات المتحدة الأمريكية، وكل الظروف مهيئة لتحرك الشعوب ضد التطبيع.
5 ـ ـ هناك العديد من التطورات في القدس خلال الفترة الاخيرة بما فيها إعادة الاحتلال الصهيوني للحواجز الحديدية، وقرار تأجيل الانتخابات، هل هناك تأثير لهذه التطورات على مظاهرات وفعاليات يوم القدس؟
في الحقيقة الكيان الغاصب يعيش أزمة سياسية وجودية فهو بدأ يفقد تفوقه العسكري بالمنطقة خاصة بعد تحرير عام ٢٠٠٠ وطرده من جنوب لبنان بالإضافة إلى نكسة عدوان تكون عام ٢٠٠٦، بالإضافة إلى هزيمة التكفيريين الذين كان يعول عليهم بخلق منطقة مضطربة تعيش الفوضى العارمة، يضاف إلي هذا المشهد هو التطور في اليمن وهزيمة التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي، أمام بواسل لأنصار الله واللجان الشعبية والجيش اليمني، بعد أن انقلب السحر على الساحر ليس فقط في مجلس التعاون الخليجي بل ما تعداه إلى النظام العالمي بعد قصف حقول النفط.
وايضا بالمقابل هناك قوة حزب الله على الحدود الشمالية لفلسطين والتي أصبحت تمتلك منظومة صواريخ فعالة ومدمرة بتقنية الاهداف الدقيقة، كما في داخل فلسطين المحتلة هناك تطور ملحوظ بخطط فصائل المقاومة نوعيا وعسكرياً، وأمام كل هذه الأزمات التي تواجه الكيان عسكرياً، هناك الأزمة السياسية التي تشهد على انتهاء آخر الآباء المؤسسين للكيان الغاصب وهو نتنياهو الذي فشل رغم ما قدمته له إدارة ترامب، ويخشى الكيان الغاصب ان يسقط نتنياهو سياسياً دون وجود البديل مما يعني الفراغ الكبير لذلك يحاول اللوبي الصهيوني العالمي كل مرة بإجراء انتخابات مبكرة بمحاولة لاعادة تعويم شعبية نتنياهو بانتظار متغير عالمي أو بالمنطقة يعيد التوازن إلى الكيان، ومن هنا دائما اكرر بان العدو الصهيوني قد يقوم بمغامرة عسكرية لا تعرف نتائجها التي من المؤكد ستكون وبالا على الكيان وجنرلاته، لكن بظل كل ما يجري حول الكيان فلا حل الا بحرب كبرى بعيدا عن حساب الربح والخسارة بالنسبة له.
وكل ما نشاهده من عسكرة لفلسطين المحتلة ان كان بالعوائق الحديدية او والجدران الإسمنتية هو محاولة لكسب الوقت من خلال ممارسة إرهاب الدولة على الشعب الفلسطيني الأعزل وأيضا الإيحاء للمستوطنين بأن الظروف لا تسمح باي متغير سياسيا او حتى ملاحقة نتنياهو بتهم الفساد.
واخر ما كان يعول عليه الكيان الغاصب هو الانقلاب بالاردن الذي كان يتوقع منه الكثير من الفوضى لكن بعد فشل الانقلاب وانتفاضة المقدسيين، نستطيع القول بأن يوم القدس العالمي هذه المرة سيمون يوما تاريخيا بكل ما في للكلمة من معنى.
6 ـ لقد توجت إیران مواقفها الثورية تجاه فلسطين بتضحيات كبرى كان أعظمها استشهاد القائد العام لفيلق القدس الفريق قاسم سليماني، کیف تحللون دور ايران في دعم المقاومة الفلسطينية؟
رحم الله الشهيد القائد الكبير الجنرال سليماني الذي اعترف العالم بقدراته العالية على إدارة المعارك وتسجيل الانتصارات وهزيمة الإرهاب وافشال المخطط الامريكي، مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تتدخل مباشرة زبكل ثقلها من أجل اغتياله.
وكما هي صورة الشهيد الجنرال سليماني عسكرياً على مستوى العالم، أيضاً كان هناك علمية الشهيد العالم الإيراني النووي البروفيسور فخري زادة، وهذه الشخصيات الايرانية هي انموذج للجمهورية الإسلامية وما تتمتع به من قوة نخبوية علمية وعسكرية، جعلتها قوة أساسية بالمنطقة بل ربما الأقوى، وهنا يكون العزاء بأن دماء الشهداء وما قدمته الجمهورية الإسلامية من تضحيات لم تذهب هدراً، بل اصبحت الجمهورية هي الهوية التحررية العالية لكافة الشعوب واصبح شهداء الثورة الإسلامية قبلة كافة الأحرار ان كان بالشرق الأوسط او خارجه، وأمام قوة إيران المتصاعدة، شعرت حركات المقاومة ان عودها يشتد ويزداد صلابة، بل اصبحت تعاليم الثورة الإسلامية في إيران قدوة يتسابق الأحرار والمقاومين الشرفاء للتعلم منها ومن تجربتها في القرن الحادي والعشرين.
الجمهورية الإسلامية غيرت المعادلات ورسمت خطوط المعركة سياسياً وعسكرياً، والأمور تطور لصالحها وصالح حلفائها مقابل تراجع كبير لمحور الاستكبار العالمي.
هي مسألة وقت فقط لا تتعدى الشهرين وتظهر الأمور بخواتيمها، حيث بدأ العالم بالاستعداد لها، بعيداً عن الاتفاق النووي فايران تجاوزت الملف النووي وانسحاب واشنطن منه، وهي اليوم التي تفرض شروطها بحال وافق الرئيس الأمريكي بايدن او رفض، فالعالم أمام قوة لا يمكن تجاوزها وعصر جديد اسمه عصر الثورة الإسلامية في إيران.
لذلك دائما كما قلت أخشى من اندلاع حرب كبرى لان الاستكبار العالمي. لم يبق لديه حلول اما الاعتراف بهزيمته أمام الجمهورية الإسلامية، أو الذهاب إلى حرب وأيضاً سيفشل وينكسر وينهزم، كما فشل بحصاره الاقتصادي وعقوباته على إيران.
وان كان يوم القدس العالمي، غير وجه المنطقة، فكيف بكل تلك الأيام المجيدة التي تتطور وتنتصر فيها الجمهورية الإسلامية في إيران، ومعها تتطور حركات المقاومة في مواجهة جيش العدو الصهيوني.
