ایکنا

IQNA

جواهر علوية...

على المَرء أن يؤلّف القلوب ويستميلها بالإحسان إليها

21:00 - April 15, 2024
رمز الخبر: 3495314
بيروت ـ إکنا: یجب على المَرء أن يؤلّف القلوب ويستميلها بالإحسان إليها، والاحترام لها، والتقدير لجهودها، وجلب النفع إليه، والصدق معها، والوفاء لها، والإقبال عليها بالمحبة والمودة.

وروِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "قُلُوبُ الرِّجالِ وَحْشِيَّةٌ مَنْ تَأَلَّفَها أَقْبَلَتْ إِلَيْهِ"
 
على الرغم من أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، يميل إلى أبناء جنسه يألفهم ويألفونه، ويقيم الصِّلات معهم، ولكنه لا يعطي حبَّه لأحد مجّاناً دون مقابل، ودون محفِّز من الطرف الآخر. 

والحُبَّ نوعان: 

حُبٌّ أحادي: لا يحتاج إلى طرفين بل يكون من طرف واحد والطرف الآخر لا يبادل الأول شيئاً، كُحِّب الإنسان للطبيعة، فالطبيعة محبوبة للإنسان ولكنها لا تبادله الحُبَّ، فهذا حُبٌّ من طرف واحد، أو حُبُّ الإنسان للورود والأزاهير، فهذه تتلقى الحُبَّ ولا تبادل المُحِبَّ لها.

وحُبٌّ تبادلي: وهو الذي يحتاج إلى طرفين يتبادلانه، وهو في الواقع ينشأ من حُبِّ الذات الذي جُبِلَ الإنسان عليه، لأنه لو لم يكن كذلك لم يتمكن من جلب المنافع إليه ودرء المفاسد، ولذا تراه يفعل ما يفعل في الحياة بهذا الدافع ليجلب ما ينفعه ويدفع ما يضره، وبما أنه يُحِبُّ ذاته فهو يُحِبُّ الآخرين ويحتاج منهم أن يُحِبُّوه لأنهم يوفِّرون له بذلك حاجته من الحب، فإذا حصل عليها استقر واطمأن وسكنت نفسه.

هذا الحُبُّ التبادلي يكون بين الإنسان والإنسان، بين الزوج وزوجه، والأخ وأخيه، والصديق وصديقه، فكلا الطرفين يخدمان ذاتهما بحبهما للآخر.

ولما كان الحُبُّ حاجة فمن الطبيعي أن يسعى الإنسان إليه، أن يطلبه، ولذا لا ترى أحدا من بني الإنسان إلا ويحب أن يحبه جميع الناس، ويسوؤه أن يكرهه أحد منهم، ولكن الناس لا يعطون الحُبَّ بالمجّان كما سبق وقلت، بل يعطونه مقابل ما يحصلون عليه من الطرف الآخر، من حُبٍ، أو نفعٍ مادي أو معنوي، أو تقدير واحترام وإكرام. فإذا لم يجدوا ذلك فالنُّفور سيكون هو الخيار اللا إرادي منهم. ولعل هذا هو المراد من قول الإمام أمير المؤمنين (ع): "قُلُوبُ الرِّجالِ وَحْشِيَّةٌ مَنْ تَأَلَّفَها أَقْبَلَتْ إِلَيْهِ".
 
ووصف القلوب بأنها وحشية لا يعني قسوتها بل استيحاشها ونفورها وعدم إلفتها، كما لا يقتصر ذلك على الرجال بل يعم النساء كذلك، وإنما قال: قلوب الرجال. من باب التغليب.

وجميعنا يعلم أن الوحش إنما سُمِّيَ وحشاً لأنه لا يستأنس.  وجاء في المعاجم اللغوية: كل ما لا يستأنس من دواب البر فهو وَحْشِيّ،‌ تقول: هذا حمار وَحْشٍ‌ وحمار وَحْشِيّ، وكل شيء يَسْتَوْحِش عن الناس فهو وَحْشِيّ، وفي بعض الكلام: إذا أقبل الليل استأنس كل وَحْشِيّ و استَوْحَشَ‌ كل إنسي.
 
وقد أثبتت التجربة الإنسانية الطويلة في التعامل مع الحيوان القدرة على تأليف معظم أنواع الوحوش بواسطة ترويضها والتودد إليها وإطعامها، فإذا كان ذلك ممكناً مع الوحوش فكيف لا يمكن مع الإنسان؟ 
 
وإذاً فيجب على المَرء أن يؤلّف القلوب ويستميلها بالإحسان إليها، والاحترام لها، والتقدير لجهودها، وجلب النفع إليه، والصدق معها، والوفاء لها، والإقبال عليها بالمحبة والمودة.
 
بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha